للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعنى: انفقوا ما فضل عن حوائجكم ولم تُجهدوا فيه أنفسكم.

{لأَعْنَتَكُمْ} : أي أوقعكم في الحرج والمشقة، وأصل العنت: المشقة، يقال: أعنت فلانٌ فلاناً إذا أوقعة فيما لا يستطيع الخروج منه، وعَنت العظم: إذا انكسر بعد الجبر، وأكمةٌ عنوت: إذا كانت شاقة كدوداً، ومنه قوله تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: ١٢٨] أي شديد عليه ما شق عليكم.

قال الزجاج: ومعنى قوله تعالى: {وَلَوْ شَآءَ الله لأَعْنَتَكُمْ} أي لو شاء لكلفكم ما يشتد عليكم.

{عَزِيزٌ حَكِيمٌ} : {عَزِيزٌ} أي لا يمتنع عليه شيء، لأنه غالب لا يغالب {حَكِيمٌ} أي يتصرف في ملكه كيف يشاء حسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.

المعنى الإجمالي

يقول الله جل ثناؤه ما معناه: يسألك أصحابك يا محمد عن حكم تناول الخمر، وعن حكم الميسر (القمار) قل لهم: إن في مقارفة الخمر والميسر إثماً كبيراً، وضرراً عظيماً، وفيهما نفع مادي ضئيل، وضررهما أعظم وأكبر من نفعهما، فإن ضياع العقل، وذهاب المال، وتعريض الجسد للتلف في الخمر، وما يجرُّه القمار من خراب البيوت، ودمار الأسر، والصدّ عن عبادة الله وطاعته، وحدوث العداوة والبغضاء بين اللاعبين، كل ذلك إذا قيس إلى النفع المادي التافه، ظهر الضرر الكبير الفادح في هاتين الموبقتين الخبيثتين. ويسألونك ماذا ينفقون من أموالهم، وماذا يتركون؟ قل لهم: أنفقوا الفضل والزيادة بقدر ما يسهل ويتيسر عليكم، مما يكون فاضلاً عن حاجتكم، وحاجة من تعولون، كذلك قضت حكمة الله أن يبيّن لكم المنافع والمضار، وأن يرشدكم إلى ما فيه خيركم وسعادتكم لتتفكروا في أمر الدنيا والآخرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>