قال القرطبي:«أنّى شئتم» معناه عند الجمهور من أي وجه شئتم مقبلة ومدبرة و (أنّى) تجيء سؤالاً وإخباراً عن أمر له جهات، فهو أعم في اللغة من (كيف) ومن (أين) ومن (متى) هذا هو الاستعمال العربي في أنّى.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: كان اليهود يبالغون في التباعد عن المرأة حالة الحيض، فلا يؤاكلونها ولا يشاربونها ولا يساكنونها في بيت واحد، ويعتبرونها كأنها داءٌ أو رجس وقذر، وكان النصارى يفرطون في التساهل فيجامعونهن ولا يبالون بالحيض، فجاء الإسلام بالحدّ الوسط (افعلوا كلّ شيء إلا النكاح) وهذا من محاسن الشريعة الإسلامية الغراء حيث أمر المسلمين بالاقتصاد بين الأمرين.
اللطيفة الثانية: لفظ (المحيض) قد يكون اسماً للحيض نفسه، وقد يكون اسماً لموضع الحيض كالمبيت والمقيل موضع البيتوتة وموضع القيلولة، ولكن في الآية الكريمة ما يشير إلى أن المراد بالمحيض هو (الحيض) لأن الجواب ورد بقوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذًى} وذلك صفة لنفس الحيض لا للموضع الذي فيه. أفاده العلامة الجصاص.
اللطيفة الثالثة: قال ابن العربي: «سمعت الشاشي في مجلس النظر يقول: إذا قيل: لا تَقْرَب (بفتح الراء كان معناه: لا تَلْبَس بالفعل، وإن كان بضم الراء كان معناه: لا تدن منه» فلما قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ