إيجاز وإبداع، لا يخفى على المتمكن من علوم البيان، فقد حذف من الأول بقرينة الثاني، ومن الثاني بقرينة الأول، كأنه قيل: لهنّ على الرجال من الحقوق، مثل الذي للرجال عليهن من الحقوق والواجبات، وفيه من علم البديع ما يسمى ب (الطباق) بين لفظَيْ (لهنّ) و (عليهن) وهو طباق بين حرفين، وقد وضّح عليه السلام بعض هذه الحقوق في (حجة الوداع) بقوله: «ألا إنّ لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فحقكم عليهن ألاّ يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهنّ عليكم أن تحسنوا إليهنّ في كسوتهن وطعامهن» .
وعن ابن عباس أنه قال:«إني لأحبّ أن أتزين لامرأتي كما تتزين لي، لأن الله تعالى يقولك {وَلَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ} » .
اللطيفة السادسة: الدرجة التي أشارت إليها الآية الكريمة {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ والله} ليست درجة (تشريف) وإنما هي درجة (تكليف) وقد بينتها الآية الثانية في سورة النساء وهي القوامة والمسؤولية والإنفاق
{الرجال قوامون عَلَى النسآء}[النساء: ٣٤] الآية والله تعالى قد وضع ميزاناً دقيقاً للتفاضل هو التقوى والعمل الصالح {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣] فقد تكون المرأة أفضل عند الله من ألف رجل، وهذا هو المبدأ العادل الكريم.
اللطيفة السابعة: قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: أول خلع كان في الإسلام في «امرأة ثابت بن قيس أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقالت يا رسول الله: لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبداً، والله ما أعيب عليه في خلُق ولا دين، ولكن أكره الكفر بعد الإسلام، ما أطيقه بغضاً، إني رفعت جانب الخباء فرأيته