المسألة وانتصر لرأي ابن تيمية، وفعل مثله (الشوكاني) في كتابه «نيل الأوطار» وله رسالة خاصة في تفنيد أدلة الجمهور.
أقول: كلُّ ما استدل به الفريق الثاني لا يقوى على ردّ أدلة الجمهور وعلى إجماع الصحابة، وكفى بهذا الإجماع حجة وبرهاناً وهذا ما ندين الله عَزَّ وَجَلَّ به. ونعتقد أنه الصواب، لأن مخالفة إجماع الصحابة وإجماع الفقهاء ليس بالأمر اليسير.
ويحسن بنا أن ننقل ما كتبه العلامة القرطبي في تفسير «الجامع لأحكام القرآن» حيث قال رَحِمَهُ اللَّهُ: «واتفق أئمة الفتوى على لزوم إيقاع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة، وهو قول جمهور السلف، وشذّ طاوس وبعض أهل الظاهر فقالوا: إن طلاق الثلاث في كلمة واحدة يقع واحدة، ويحكى عن داود أنه لا يقع، وجمهور السلف والأئمة أنه لازم واقع ثلاثاً، ولا فرق بين أن يوقع ثلاثاً مجتمعة في كلمة أو متفرقة في كلمات، واستدل من قال بوقوعه واحدة بأحاديث ثلاثة:
أحدهما: حديث ابن عباس من رواية طاوس، وأبي الصهباء، وعكرمة.
وثانيها: حديث ابن عمر على رواية من روى أنه طلق امرأته ثلاثاً، وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمره برجعتها واحتسبت واحدة.
وثالثها: أنّ ركانة طلّق امرأته ثلاثاً فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ برجعتها، والرجعة تقتضي وقوع واحدة.
والجواب عن الأحاديث ما ذكره الطحاوي عن (سعيد بن جبير) و (مجاهد) و (عطاء) في روايتهم عن ابن عباس فيمن طلّق امرأته ثلاثاً أنه قد عصى ربه، وبانت منه امرأته، ولا ينكحها إلا بعد زوج، وفيما رواه هؤلاء عن ابن عباس مما يوافق الجماعة، ما يدل على وهْن رواية طاوس