بحق كلٍ من الزوجين نحو الآخر، فإن ظهرت بوادر الشقاق والخلاف، واستحكمت أسباب الكراهية والنفرة جاز للمرأة أن تفتدي، وجاز للرجل أن يأخذ المال، وطلاقُ المرأة على هذا الوجه هو المعروف ب (الخُلع) وقد عرّفه الفقهاء بأنه» فراقُ الرجل زوجته على بدلٍ يأخذه منها «.
وفي أخذ الزوج الفدية عدلٌ وإنصاف، فإنه هو الذي أعطاها المهر، وبذل تكاليف الزواج والزفاف، وأنفق عليها، وهي التي قابلت هذا كله بالجحود وطلبت الفراق فكان من الإنصاف أن تردّ عليه ما أخذت منه.
والأصل في هذا ما رواه البخاري من قصة امرأة ثابت بن قيس وقد تقدم، وفيه قال لها عليه السلام: «أتردين عليه حديقته؟ قالت نعم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: اقبل الحديقة وطلّقها تطليقة» .
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجوز أن يأخذ الزوج من الزوجة زيادة على ما أعطاها لقوله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} وهذا عام يتناول القليل والكثير.
وقال الشعبي والزهري والحسن البصري: لا يحل للزوج أن يأخذ زيادة على ما أعطاها، لأنه من باب أخذ المال بدون حق، وحجتهم أن الآية في صدد الأخذ مما أعطى الرجال والنساء فلا تجوز الزيادة، والراجح أن الزيادة تجوز ولكنها مكروهة.
وقد اختلف الفقهاء هل الخلع فسخ أو طلاق؟
فذهب الجمهور إلى أنه طلاق، وقال الشافعي في القديم إنه فسخ، وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا خلعها هل تحسب عليه طلقة أم لا؟ والأدلة على هذه المسألة تطلب من كتب الفروع.