الله منه حقوقه بالتضييق، وإن سامحه فالله أولا بالمسامحة» .
اللطيفة الثامنة: قال بعض العلماء: من تأمل هذه الآيات وما اشتملت عليه من عقوبة أهل الربا ومستحليه، أكبَرَ جرمَهُ وإثمه، فقد ترتب عليه قيامهم في الحشر مخبلين، وتخليدهم في النار، ونبذهم بالكفر، والحرب من الله ورسوله، واللعنة الدائمة لهم، وكذلك الذم والبغض، وسقوط العدالة وزوال الأمانة، وحصول القسوة والغلظة، والدعاء عليه ممن ظلمه، وذلك سبب لزوال الخير والبركة، فما أقبح هذه المعصية، وأعظم جرمها، وأشنع عاقبتها؟!
اللطيفة التاسعة: ختمت آيات الربا بهذه الآية الكريمة {واتقوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ توفى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} وهي آخر آية نزلت من القرآن، وعاش بعدها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تسع ليال ثم انتقل إلى الرفيق الأعلى، وفي هذه الآية تذكير بالوقفة الرهيبة بين يدي أحكم الحاكمين
{يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَاّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء: ٨٨ - ٨٩] وبنزول هذه الآية انقطع الوحي، وكان ذلك آخر اتصال السماء بالأرض.
«الأدوار التي مرّ بها تحريم الربا»
من المستحسن أن نذكر هنا الأدوارالتي مرّ بها تحريم الربا، حتى ندرك سر التشريع الإسلامي، في معالجته للأمراض الاجتماعية، فنم المعلوم أن التشريع الإسلامي سار (بسُنّة التدرج) في تقرير الأحكام.
ولقد مرّ تحريم «الربا» بأربعة أدوار كما حدث في تحريم الخمر، وذلك تمشياً مع قاعدة التدرج: