الحكم الأول: ما هو حكم الاستعانة بالكفار في الحرب؟
اختلف الفقهاء في جواز الاستعانة بالكفار في الحرب على مذهبين:
١ - مذهب المالكية: أنه لا يجوز الاستعانة بالكفار في الغزو أخذاً بظاهر الآية الكريمة واستدلوا بما ورد في قصة (عبادة بن الصامت) كما وضّحها سبب النزول. واستدلوا كذلك بما روته عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن رجلاً من المشركين كان ذا جرأة ونجدة جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يوم بدر يستأذنه في أن يحارب معه فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ له:«ارجع فلن استعين بمشرك» .
ب - مذهب الجمهور (الشافعية والحنابلة والأحناف) : قالوا يجوز الاستعانة بالكفار في الحرب بشرطين: أولاً: الحاجة إليهم. وثانياً: الوثوق من جهتهم، واستدلوا على مذهبهم بفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقد استعان بيهود فينقاع وقَسمَ لهم، واستعان بصفوان بن أمية في هوازن، فدَلّ ذلك على الجواز، وقالوا في الردّ على أدلة المالكية إنها منسوخة بفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وعمله، وقال بعضهم: إن ما ذكره المالكية يحمل على عدم الحاجة أو عدم الوثوق حيث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يثق من جهته، وبذلك يحصل الجمع بين أدلة المنع وأدلة الجواز.
الحكم الثاني: ما معنى التقية وما هو حكمها؟
قال ابن عباس: التقية أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان، ولا يقتل ولا يأتي مأثماً. وعرّف بعضهم التقيّة بأنها المحافظة على النفس والمال من شرّ الأعداء فيتقيهم الإنسان بإظهار الموالاة من غير اعتقادٍ لها.
قال «الجصاص» في «أحكام القرآن» : «وقد اقتضت الآية جواز اظهار الكفر عند التقية وهو نظير قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بالله مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ