ومن بنائها، وتولّي مصالحها، والقيام بها لانتظام اللفظ للأمرين» .
الحكم الثاني: ما المراد بالمساجد في الآية الكريمة؟
١ - قال بعض العلماء: المراد به المسجد الحرام لأنه المفرد العلم، الأكمل الأفضل وهو قبلة المساجد، وسبب النزول يؤيد هذا القول وهو مروي عن عكرمة، واختاره بعض المحققين لقراءة الإفراد (أن يعمروا مسجد الله) .
ب - وقال آخرون: المراد به جميع المساجد، لأنه جمع مضاف فيعم، ويدخل فيه المسجد الحرام دخولاً أوّلياً، كما إذا قلنا: فلان لا يقرأ كتب الله، يدخل فيه القرآن بطريق أوكد.
أقول: هذا هو الظاهر من الآية الكريمة، لأن الصيغة تفيد عموم الحكم، فلا يليق بالمشركين أن يعمروا أي مسجد من مساجد الله بأنواع العمارة، لأن الكفر ينافي ذلك، كما لا يصح لهم دخول هذه الأماكن الطاهرة المقدسة، كما قال الإمام مالك رَحِمَهُ اللَّهُ، وسيأتي حكم دخول المشركين للمساجد في الآيات التالية.
الحكم الثالث: هل يجوز استخدام الكافر في بناء المساجد؟
أخذ بعض العلماء من الآية الكريمة أنه لا يجوز أن يستخدم المسلم الكافر في بناء المسجد، لأنه من العمارة الحسيّة، وقد نهى تعالى عن تمكين المشركين من عمارة بيوت الله.
والظاهر جواز استخدامه لأن الممنوع منها إنما هو (الولاية) عليها، والاستقلال بتصريف شؤونها، كأن يكون ناظر المسجد، أو المتصرف بالوقف كافراً، وأما استخدام الكافر في عمل لا ولاية فيه، كنحت الحجارة والبناء والنجارة، فلا يظهر دخوله في المنع، وهذا قول جمهور الفقهاء.