للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال المالكية والشافعية: الضرب في الحدود كلها سواء. ضربٌ غيرُ مبرّح، ضربٌ بين ضربين.

وقال الثوري: ضربُ الزنى أشدُّ من ضرب القذف، وضرب القذف أشد من ضرب الخمر.

احتج (أبو حنيفة) بفعل عمر، حيث ضرب في التعزير ضرباً أشد منه في الزنى.

واحتج (مالك والشافعي) بأن الحدود موقوفة على الشاعر وليس فيها مجال للاجتهاد، ولم يرد عن المعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شيء في التخفيف أو التثقيل فتكون الحدود سواء.

واحتج (الثوري) بأن الزنى لمّا كان أكثر في العدد، فلا بد أن يكون الجُرم فيه أعظم، والعقوبة أبلغ، بخلاف القذف والخمر.

ومذهب الثوري على ما عرفت قريب من مذهب الأحناف.

وقد انتصر (الجصاص) رَحِمَهُ اللَّهُ للمذهب الأول فقال ما نصه:

قد دلَّ قوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله} على شدة ضرب الزاني، وأنه أشد من ضرب الشارب والقاذف لدلالة الآية على شدة الضرب فيه ولأن ضرب الشارب كان من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالجريد والنعال، وضربُ الزاني إنما يكون بالسوط وهذا يوجب أن يكون ضرب الزاني أشد من ضرب الشارب. وإنما جعلوا ضرب (القاذف) أخف الضرب لأن القاذف جائزٌ أن يكون صادقاً في قذفه وأنّ له شهوداً على ذلك، والشهودُ مندوبون إلى الستر على الزاني وإنما وجب عليه الحد لقعود الشهود عن الشهادة وذلك يوجب تخفيف الضرب.

ومن جهة أخرى: فإنَّ القاذف قد غلظت عليه العقوبة في إبطال شهادته فغير جائز التغليظ عليه من جهة شدة الضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>