نفسه عادلة فمن الذي يعاقب بهذا العقاب؟ أليس هو الشخص المستهتر الذي يسعى في طريق شهوته كالحيوان لا يبالي بأي طريق نال الشهوة ولا ما يترتب عليها من أخطار وأضرار؟
إن الذي يرتكب هذه الجريمة لمجرد الاستمتاع والشهوة ليس إنساناً بل هو حيوان، وذلك لأن الحيوان تسيطر عليه شهوته فهو يسير تبعاً لها، والإنسانُ يحكمه عقله ولهذا يسير مع منطق العقل، وليست هذه الغريزة التي أودعها الله في الإنسان لمجرد نيل الشهوة أو قضاء الوطر، بل هي من أجل غاية نبيلة سامية هي (بقاء النسل) .
والله - جل وعلا - بحكمته العلية، جعل هذا الارتباط بين الذكر والأنثى، ولكنه لم يسمح به بطريق الفوضى كما تفعل الحيوانات، حيث ينزو بعضها على بعض، وإنما سمح به في دائرة (الطهر والعفة) وبطريق الزواج الشرعي، الذي يحقِّق الهدف النبيل والغاية الإنسانية المُثْلى في بقاء النوع الإنساني كما قال تعالى:{والله جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً}[النحل: ٧٢] .
والإسلام يعتبر الزنى لوثه أخلاقية وجريمة اجتماعية خطيرة، ينبغي أن تكافح بدون هوادة، ولكنه لا يفرض هذه العقوبة الصارمة (الجلد أو الرجم) لمجرد التهمة أو الظن بل على العكس يودب التحقق والتثبت، ويدرأ الحد بالشبهات ويشرط شروطاً شديدة تكاد لا تتوفر هي شهادة (أربعة رجال) مؤمنين عدول يشهدون بوقوعها، ويشهدون على مثل ضوء الشمس، أو اعترافاً صريحاً لا شبهة فيه من الشخص الذي قارف الجريمة.
والغربيون لا يعتبرون الزنى جريمة يعاقب عليها القانون إلا إذا كان بالإكراه أو كان اعتداء على حرية الغير، أما إذا كان بالرضى فليس فيه ما يدعو إلى العقوبة لأنه يخلو حينئذ عن فكرة (العدوان) .
فالزنى - في نظرهم - وإن كان عيباً إلا أنه ليس بجريمة على كل حال، فإذا