يعتبر القذف جريمة من الجرائم الشنيعة التي حاربها الإسلام حرباً لا هوادة فيه، فإن اتهام البريئين والوقوع في أعراض الناس، والخوض في (المحصنات الحرائر) العفيفات، يجعل المجال فسيحاً لكل من شاء أن يقذف بريئة أو بريئاً بتلك التهمة النكراء، فتصبح أعراض الأمَّة مجرحة وسمعتها ملوثة وإذا كل فرد منها متهم أو مهدد بالاتهام، وإذا كلُّ زوج فيها شاك في زوجه وأهله وولده.
وجريمة القذف والاتهام للمحصنات تولِّد أخطاراً جسيمة في المجتمع، فكم من فتاة عفيفة شريفة لاقت حتفها لكلمة قالها قائل، فصدقها فاجر، فوصل خبرها إلى الناس ولاكتها الألسن فكان أن أقدم أقرباؤها وذووها على قتلها لغسل العار، ثم ظهرت حصانتها وعفتها عن طريق (الكشف الطبي) ولكن بعد أن حصل ما حصل وفات الأوان.
لذلك وصيانةً للأعراض من التهجم، وحمايةً لأصحابها من إهدار الكرامة، قطع الإسلام ألسنة السوء، وسدَّ الباب على الذين يلتمسون للبرآء العيب، فمنع ضعاف النفوس من أن يجرحوا مشاعر الناس، ويلغوا في أعراضهم.
وشدَّد في عقوبة القذف فجعلها قريبة من عقوبة الزنى (ثمانين جلدة) مع إسقاط الشهادة، والوصف بالفسق.
والعقوبة الأولى (جسدية) تنال البدن والجسد، والثانية (أدبية) تتعلق بالناحية المعنوية بإهدار كرامته وإسقاط اعتباره، فكأنه ليس بإنسان لأنه لا يوثق بكلامه ولا يقبل قوله عند الناس، والثالثة (دينية) حيث أنه فاسق خارج عن طاعة الله، وكفى بذلك عقوبة لذوي النفوس المريضة، والضمائر الميِّتة.
وقد اعتبر الإسلام (قذف المحصنات) من الكبائر الموجبة لسخط الله