دائمة. فإن الرجل إنْ كان صادقاً فقد أشاع فاحشتها وفضحها على رؤوس الأشهاد، وأقامها مقام الخزي والغضب، وإن كان كاذباً فقد أضاف إلى ذلك أنه بهتها وزاد في إيلامها وحسرتها وغيظها.
وكذلك المرأة إن كانت صادقة فقد أكذبته على رؤوس الأشهاد وأوجبت عليه لعنة الله وإن كانت كاذبة فقد أفسدت فراشه وخانته في نفسها، وألزمته العار والفضيحة. فقد حصل بينهما النفرة الدائمة والوحشة البالغة. ومن المعلوم أنَّ أساس الحياة الزوجية السكنُ والمودة، والرحمة، وقد زالت هذه باللعان فكانت عقوبتهما الفرقة المؤبدة.
وقد اتفق الفقهاء على وجوب التفريق بين المتلاعنين وعلى أن الحرمة بينهما. تكون (مؤبدة) لم يخالف في ذلك أحد إلاّ ما روي عن (عثمان البتي) أنه قال: لا يقع باللعان فرقة إلا أن يطلقها وهو قول مردود للنصوص المتقدمة.
ولكنّ الفقهاء اختلفوا متى تقع الفرقة بين المتلاعنين؟
فذهب (الشافعي) رَحِمَهُ اللَّهُ إلى أن الفرقة تقع بمجرد لعان الزوج وحده ولو لم تلاعن الزوجة.
وذهب (مالك وأحمد) في إحدى الروايتين عنه إلى أن الفرقة لا تقع إلا بلعانهما جميعاً.
وذهب (أبو حنيفة وأحمد) في روايته الأخرى إلى أن الفرقة لا تقع إلا بتمام لعانهما وتفريق الحاكم بينهما.
أما حجة الشافعي: فهي أن الفرقة حاصلة بالقول، فيستقل بها قول الزوج وحده كالطلاق ولا تأثير للعان الزوجة إلا في دفع العذاب عن نفسها كما قال تعالى:{وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا العذاب} فدل على أنه لا تأثير للعان المرأة إلا في دفع العذاب عن نفسها.