لم تسترح نفوس المنافقين من الكيد للإسلام، على المسلمين، حتى استهدفوا صاحب الرسالة العظمى محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، فرموه في أقدس شيء وأعزه، في عرضه المصون، وأهله الطاهرة البريئة، السيدة عائشة بن الصدّيق الأكبر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، وقد حاولوا بذلك أن يوجهوا ضربة للإسلام في الصميم، في شخص نبيه الكريم، عن طريق الطعن في عرضه واتهام أهله بارتكابها فاحشة الزنى التي هي من أقبح الجرائم وأشنعها على الإطلاق، وكان الذي تولى كقر هذه التهمة النكراء، وأشاع ذلك الإفك المفتري المزعوم.
رأس المنافقين (عبد الله بن أُبيّ بن سلول) لعنه الله، الذي ما فتئ يكيد للإسلام ولرسوله الكريم حتى أهلكه الله تعالى، وخلّص المسلمين من شره وبلائه.
وقد أنزل الله تبارك وتعالى في شأن هذا المنافق قرآناً يُتلى، وآيات تسطّر، ليكون ذلك درساً وعبرة للأمة، لتعرف فيه خطر (النفاق والمنافقين) وضررهم على الأمة الإسلامية، فيأخذوا الحيطة والحذر. والقرآن الكريم يكشف لنا عن شناعة الجرم وبشاعته، وهو يتناول بيت النبوّة الطاهر، وعرض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أكرم إنسان على الله، وعرض صديقه الأول (أبي بكر) رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أكرم إنسان على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وعرض رجل من خيرة الصحابة (صفوان بن المعطل) رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، يشهد له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأنه لم يعرف عليه إلا خيراً ... ذلك هو حديث الإفك الذي نزل فيه عشر آيات في كتاب الله تعالى، تبتدئ من قوله تعالى: {إِنَّ الذين جَآءُوا بالإفك عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ