أولاً: أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: مر رجل على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في طريق من طرقات المدينة، فنظر إلى امرأة ونظرت إليه، فوسوس لهما الشيطان أنه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلا إعجاباً به، فبينما الرجل يمشي إلى جانب حائط ينظر إليها إذ استقبله الحائط (صُدم به) فشق أنفه، فقال: والله لا أغسل الدم حتى آتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأعلمه أمري؟ فأتاه فقصّ عليه قصته، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (هذا عقوبة ذنبك) وأنزل الله: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ ... } الآية.
ثانياً: وروى ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ، عن مقاتل بن حيان، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: (بلغنا - والله أعلم - أن جابر بن عبد الله الأنصاري حدّث أن أسماء بنت مرثد كانت في نخل لها في بني حارثة، فجعل النساء يدخلن عليها غير مؤتزرات فيبدو ما في أرجلهن يعني الخلاخل، ويبدوا صدروهن وذوائبهن، فقالت أسماء: ما أقبح هذا؟ فأنزل الله في ذلك {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... } الآية.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: السر في تقديم غض البصر على حفظ الفروج هو أن النظر بريد الزنى ورائد الفجور وهو مقدمة للوقوع في المخاطر كما قال الحماسي:
وكنتَ إذا أرسلت طرفك رائداً ... لقلبك يوماً أتعبتك المناظر