للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستدلوا كذلك بحديث عائشة حين جاءتها (بريرة) تستعينها على أداء كتابتها فقالت لها عائشة: إنْ أحبّ أهلك أن أعطيهم ذلك جميعاً ويكون ولاؤك لي فأبوا، فذكرتْ ذلك للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال لها عليه السلام: «إبتاعي وأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق» قالوا: فلم ينكر عليها الرسول ولم يقل إنها تستحق أن يحطّ عنها من كتابتها أو يعطيها المولى شيئاً من ماله.

الحكم العاشر: ما هو الإكراه وهل يرتفع به الحد عن الرجل والمرأة؟

أشارت الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُواْ فتياتكم عَلَى البغآء ... } إلى أنّ الإكراه يسقط التكليف عن الإنسان، وبالتالي يبقى العبد غير مؤاخذ، ويصبح الإثم على المُكْرِه. والإكراه إنما يحصل متى وجد التخويف بما يقتضي تلف النفس كالتهديد بالقتل، أو بما يوجب تلف عضو من الأعضاء، واما باليسير من الخوف فلا تصير مكرهة. فحال الإكراه على الزنى كحال الإكراه على (كلمة الكفر) ، وقد قال الله تعالى فيه {إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان} [النحل: ١٠٦] وقد ذكر بعض المفسرين أنّ الله تعالى إنما ذكر إرادة التحصن من المرأة لأن ذلك هو الذي يصوّر الإكراه، فأما إذا كانت هي راغبة في الزنى لم يُتصور إكراه وقال بعضهم: خرج مخرج الأغلب إذ الغالب أن الإكراه إنما يكون عند إرادة التحصن.

والصحيح ما ذكرناه سابقاً أنّ المقصود به (التقبيح والتشنيع) على هذا المنكر الفظيع الذي كان يعمله أهل الجاهلية، حيث كانوا يُكْرهو الفتيات على البغاء مع إرادتهن للتعفف.

واختلف العلماء فيمن أكره على الزنى من الرجال هل يرتفع عنه الحد كما يرتفع عن المرأة؟

فذهب الجمهور: إلى أنّ الإكراه يرفع الحد عن الرجل والمرأة كما يرفع

<<  <  ج: ص:  >  >>