للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما البغاء العام: فكان معظمه بواسطة الإماء وربما وقع من بعض الحرائر أيضاً وهو أيضاً على وجهين:

الأول: أن بعض السادة كانوا يفرضون على إمائهم مبلغاً كبيراً من المال يتقاضونه منهن في كل شهر، فكنّ يكسبْن بالفجور، لأنه لا يمكنهن أن يدفعن ما فرضه عليهن سادتهن بحرفة طاهرة فكنَّ يحترفن البغاء.

والوجه الثاني: أنّ بعض العرب كانوا يُجْلسون الفتيات الشابات من إمائهن في الغرفات، وينصبون على أبوابهم رايات، تكون علماً لمن أراد أن يقضي منهن حاجته، وكانت بيوتهن تسمى (المواخير) وكانوا يستدرُّون من ورائهن المال فإذا أبت إحداهن أو تعففت عن ممارسة هذه الرذيلة ضربها سيدها وأكرهها على مزاولة الحرفة حتى لا ينقطع عنه ذلك المورد الخبيث الذي كان يُكْسبه المال الوفير.

وهذا (عبد الله بن أبيّ) رأس النفاق كان له ست إماء شابات جميلات يكرههن على البغاء، طلباً لكسبهن، وفيه نزلت الآيات الكريمة المتقدمة.

أقول: ما أشبه جاهلية (القرن العشرين) في زماننا بتلك الجاهلية الأولى حيث تنظّم بيوت الدعارة تحت حماية القانون، وتحميها الشرطة ويقصدها الراغبون بأجرٍ معلوم، وليس فيها ما يختلف عن الأولى إلا أنها (أشنع وأفظع) لأنها في (الحرائر) وبشكل فاضح مكشوف، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:

«ما ظهرت الفاحشة في قوم فعملوا بها إلاّ أصيبوا بالأمراض والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم!!» وهذا من أعلام النبوّة.

وإنّا لله وإنَّا إليه راجعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>