الإله الرازق، والصنم الذي لا يسمع ولا ينفع ولا يغني عن صاحبه شيئاً. فهو - بلا شك - أحمق الناس. وأبعدهم عن منطق العقل والحكمة. وحريّ به أن يوصف بالظلم، ويجعل في عداد البهائم.
وبعد أن ذكر سبحانه ما أوصى به لقمان ابنه من شكر المنعم، وذكر ما في الشرك من الشناعة. أتبعها سبحانه بوصيةٍ مستقلةٍ عن وصايا لقمان ألا وهي (الوصية بالوالدين) ليشير إلى قبح الشرك، ويؤكد حكمة الرجل الصالح (لقمان) لابنه في نهيه عن الشرك فكأنه تعالى يقول: مع أننا أوصينا الإنسان بوالديه، وأمرناه بالعطف عليهما، والإحسان إليهما، وألزمناه طاعتهما لما تحملا في سبيله من المتاعب والمصاعب، مع كل هذا فقد حذَّرناه من طاعتهما في حالة الشرك والعصيان، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فالوضع السليم بين (الأب وابنه) هي الطاعة والإحسان، وامتثال كمال الأدب مع من ربّاه وتعب في شأن تربيته.
{وَقُل رَّبِّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}[الإسراء: ٢٤] فإذا تغيّر الوضع، وأصبح الأب والأم مدعاةً للشرك، ومصدراً للعصيان، فلا سمع ولا طاعة ولا استجابة لصوت الضلال، مهما بذلا من جهدٍ، ومع كل ذلك فقد ختم الله جلّ ثناؤه الآية الكريمة بوجوب صحبتهما بالمعروف والإحسان إليهما في الدنيا حتى ولو كانا مشركَيْن، لأنّ حقهما على ولدهما عظيم، وكفرُهما بالله لا يستدعي ضياع المتاعب التي تحمّلاها في تربية الولد، فالإحسان إليهما واجب، وطاعتهما في معصية الله ممنوعة، واتباع سبيل المؤمنين الصادقين هو الطريق السوي الذي يوصل إلى رضوان الله تعالى.