للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خاتمة البحث:

حكمة التشريع

من حكمة الباري جلّ وعلا أن ربط بين أفراد المجتمع الإسلامي برباط (العقيدة والدين) وعزّز تلك الروابط ب (الأخوّة الإسلامية) التي هي مظهر القوة والعزة. وسبيل السعادة والنجاح.

وقد كان التوارث في صدر الإسلام بسبب تلك الرابطة (رابطة العقيدة) و (رابطة الدين) وبسبب الهجرة والنصرة، فكان الأنصاري يرث أخاه المهاجري، ويرث المهاجري أخاه الأنصاري دون ذوي قرباه، حتى توثّقت بين المؤمنين روابط العقيدة والإيمان، وتمثّلت فيهم أخوة الإسلام {إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] ، وأصبحت لحمة الإسلام أقوى من لحمة النسب، ورابطة الدين أقوى من رابطة الدم، وأصبح المسلمون كالجسد الواحد، وكالبنيان يشدّ بعضُه بعضاً.

ثم نسخ الله تبارك وتعالى التوارث بين المؤمنين بسبب الدين، وبسبب الهجرة والنصرة، وجعل التوارث بسبب القرابة والنسب، وذلك تمشياً مع نظرة الإسلام المثلى، في توطيد دعائم الأسرة، لأنه أساس المجتمع الفاضل. فإذا تمكنت العلاقات الأخوية بين أفراد الأسرة تقوّي بنيان المجتمع. وإذا انحلّت هذه العلاقات، تزعزع المجتمع وانحلت أواصره.

ولكنّ الله جل ثناؤه لم يورث كلّ قريب، بل أوجب أن تكون مع القرابة رابطة الإيمان. فالابن إذا كان كافراً لا يرث أباه، والأخ غير المسلم لا يرث أخاه، وبذلك جمع الإسلام بين (رابطة الإيمان) و (رابطة النسب) وجعل القرابة غير نافعة إلا مع الإيمان. فحفظ للأسرة كرامتها، وللدين حرمته، وللقريب حقوقه، ونزل القرآن الكريم بحكمه العادل {وَأْوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: ٧٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>