والأباطيل، بسبب بعض الروايات الإسرائيلية، التي ذكرت في بعض كتب التفسير.
فقد زعموا - وبئسما زعموا - أن النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ مرّ ببيت زيد وهو غائب، فرأى زينب فأحبها ووقعت في قلبه، فقال: سبحان مقلّب القلوب، فسمعت زينب ذلك فلما جاء زوجها أخبرته بما سمعت من الرسول، فعلم أنها وقعت في نفسه، فأتى الرسول يريد طلاقها فقال له: أمْسك عليك وفي قلبه غير ذلك. فطلّقها زيد من أجل أن يتزوج بها الرسول.
يقول ابن العربي رَحِمَهُ اللَّهُ في تفسيره (أحكام القرآن) رداً على هذه الدعوى الأثيمة: فأمّا قولهم إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رآها فوقعت في قلبه فباطل، فإنه كان معها في كل وقت وموضع، ولم يكن حينئذٍ حجاب، فكيف تنشأ معه وينشأ معها، ويلحظها في كل ساعة، ولا تقع في قلبه إلا إذا كان لها زوج، قد وهبته نفسها، فكيف يتجدّد له هوى لم يكن، حاشا لذلك القلب المطهّر من هذه العلاقة الفاسدة، وقد قال الله له:{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الحياة الدنيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}[طه: ١٣١] وقد تعقَّب - عليه رحمة الله - تلك الروايات الإسرائيلية وبيّن أنها كلها ساقطة الأسانيد.
إن نظرة بسيطة إلى تاريخ (زينب) وظروفها في زواج (زيد) تجعلنا نؤمن بأنّ سوء العشرة التي كانت بين زيد وزينب إنما جاءت من اختلافهما اختلافاً بيناً في الحالة الاجتماعية، فزينب شريفة، وزيد كان بالأمس عبداً وقد أراد الله امتحانها بزواج زيد لتحطيم مبدأ (العصبيَّة القبليَّة) والشرف الجاهلي، وجعل الإسلام الشرف في (الدين والتقوى) فحين عرض الرسول على (زينب) الزواج من (زيد) امتنعت واستنكفت اعتزازاً بنسبها وشرفها فنزل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ