للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والدليل على ذلك تصغيرهم إياه على مريءٍ، بوزن فعيلٍ، وقال الشاعر - ويمر خبره مستقصى في باب هلهل إن شاء الله -:

قتلنا مريء القيس غصباً بربه ... بواءً وأطلقنا إليهم مهلهلاً

وقد سموا بمريءٍ، وفي دليل من عبد القيس رجل اسمه مريء، وفي الأنصار من الخزرج رجلان اسم كل واحد منها مريء، وليس بشاهد لنا لأنه تصغير مرءٍ، قبل إدخال ألف الوصل، ولذلك لم نسق أنسابهم، فوقعت الهمزة لام الفعل وهي تعتل كاعتلال حروف المد اللين، مع ما فيها من الضعف بكونها أخيراً، ومن الاستعداد للتغيير بالتخفيف وغيره، فقل احتمالها للإعراب، وكان ضعفها وعجزها من الإعراب الذي هو حلي الكلمة وقيم معناها كعمدها، وحضورها عندهم كمغيبها، فعدوا هذا الاسم مما آخره محذوف، ورأوا أنه يستحق شيئاً من آلات الفعال لمشابهته إياها بهذا النقص، فأعطوه ألف الوصل في أوله، بعد أن اسكنوا فاءه التي هي الميم، ليزيد عذرهم بياناً في إدخال ألف الوصل، وليكون مورد ألف الوصل على الميم ساكنة كموردها على فاء الفعل الساكنة، ولتستوفي في هذا التعويض الذي أعطته كلية المشاكلة. وحركوا الراء لعلتين: إحداهما أنهم لما أسكنوا الميم - كما قلنا - لم يجز بقاء الراء ساكنه لئلا يلتقي ساكنان، وليس يسوغ ذلك في النطق. والثانية: الاحتزاز من تطرق التغيير على الهمزة بكونها متحركة قبلها ساكن. واختلف بعد ذلك في حركة الراء. فبعض العرب يلزمها الفتح، فيقول: رأيت امرأً، وهذا امرأً، ومررت بامرئٍ، ويقول إنه لما اضطر إلى تحريكها ذهب بها إلى الفتح لأن أخف الحركات. وبعضهم - وهو الأكثر الأشهر - يجعل الراء تابعة للإعراب الواقع على الهمزة، فيقول: هذا امرؤ، ورأيت امرأً، ومررت بامرئٍ، وذلك لأن الهمزة على ما قدمنا من الضعف، فعضدوها بمشاركة الراء لها، وتحملها الإعراب معها، ومن أجل هذا لم يضموا الألف في قولهم: هذا امرؤ، ولم يتبعوها ضمة الراء، كما ضموضها في قولك: " أقتل " اتباعاً لضمة التاء، وذلك لأن الراء ليست الضمة لازمة لها، وإنما هي أحد وجوه تصاريفها. وبعض الناس يرى أن الإعراب واقع على الراء، وإن حركة الهمزة مفحمة لا يعتد بها مثل قولهم: يا طلحة أقبل،

<<  <   >  >>