الأسفل. ولذلك قال عليه السلام "إن الله خلق الخلق في ظلمة ثم أفاض عليهم من نوره" وقال: "إن لله ملائكة هو أعلم بأعمال الناس منهم". والأنبياء إذا بلغ معراجهم المبلغ الأقصى وأشرفوا منه إلى السفل ونظروا من فوق إلى تحت اطلعوا أيضاً على قلوب العباد وأشرفوا على جملة من علوم الغيب: إذ من كان في عالم الملكوت كان عند الله تعالى - {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب} - أى من عندها تنزل أسباب الموجودات في عالم الشهادة؛ وعالم الشهادة أثر من آثار ذلك العالم، يجرى منه مجرى الظل بالإضافة إلى الشخص، ومجرى الثمرة بالإضافة إلى المثمر، والمسبب بالإضافة إلى السبب. ومفاتيح معرفة المسببات لا توجد إلا من الأسباب؛ ولذلك كان عالم الشهادة مثالاً لعالم الملكوت كما سيأتى في بيان المشكاة والمصباح والشجرة: لأن المسبب لا يخلو عن موازاة السبب ومحاكاته نوعاً من المحاكاة على قرب أو على بعد. وهذا لأن له غوْراً عميقاً. ومن اطلع على كنه حقيقته انكشف له حقائق أمثلة القرآن على يسر.
دقيقة ترجع إلى حقيقة النور
فنقول إن كان ما يبصر نفسه وغيره أولى باسم النور، فإن كان من جملة ما يبصر (به) غيره أيضاً مع أنه يبصر نفسه وغيره، فهو أولى، باسم النور من (و ٦ـ ب) الذى لا يؤثر في غيره أصلاً، بل بالحرِىّ أن يسمى سراجاً منيراً لفيضان أنواره على غيره. وهذه الخاصية توجد