مناسبة صفاتهم. وربما صرّح بعضهم فقال:"كلامه صوت وحرف ككلامِنَا". وربما ترقى بعضهم فقال:"لا بل هو كحديث نفسنا ولا هو صوت ولا حرف". وكذلك إذا طولبوا بحقيقة السمع والبصر والحياة رجعوا إلى التشبيه من حيث المعنى وإن أنكروها باللفظ إذ لم يدركوا أصلاً معانى هذه الإطلاقات في حق الله تعالى. ولذلك قالوا في إرادته إنها حادثة مثل إرادتنا. وإنها طلب وقصد مثل قصدنا. وهذه مذاهب مشهورة فلا حاجة إلى تفصيلها. فهؤلاء محجوبون بجملة من الأنوار مع ظلمة المقايسات العقلية. فهؤلاء كلهم أصناف القسم الثانى الذين حجبوا بنور مقرون بظلمة. وبالله التوفيق.
[القسم الثالث]
ثم المحجوبون بمحض الأنوار وهم أصناف ولا يمكن إحصاؤهم: فأشير إلى ثلاثة أصناف منهم.
الأول - طائفة عرفوا معانى الصفات تحقيقاً وأدركوا أن إطلاق اسم الكلام والإرادة والقدرة والعلم وغيرها على صفاته ليس مثل إطلاقه على البشر؛ فتحاشوا عن تعريفه بهذه الصفات وعرفوه بالإضافة إلى المخلوقات كما عرّف موسى عليه السلام في جواب قول فرعون:{وَمَا رَبُّ العالمين} فقالوا إن الرب المقدّس المنزّه عن معانى هذه الصفات هو محرّك السماوات ومدبرها.