والصنف الثانى ترقوا عن هؤلاء من حيث ظهر لهم أن في السماوات كثرة، وأن محرك كلّ سماء خاصة موجود آخر يسمى مَلكا، وفيهم كثرة، وإنما نسبتهم إلى الأنوار الإلهية نسبة الكواكب. ثم لاح لهم أن هذه السماوات في ضمن فلك آخر يتحرك الجميع بحركته في اليوم والليلة مرة. فالرب هو المحرك للجرِم الأقصى المنطوى على الأفلاك كلها (و ٢١ ـ ب) إذ الكثرة منفية عنه.
والصنف الثالث ترقوا عن هؤلاء وقالوا: إن تحريك الأجسام بطريقة المباشرة ينبغى أن يكون خدمة لرب العالمين وعبادة له وطاعة من عبد من عباده يسمى مَلَكا: نسبته إلى الأنوار الإلهية المحضة نسبة القمر في الأنوار المحسوسة. فزعموا أن الرب هو المطاع من جهة هذا المحرّك؛ ويكون الرب تعالى محركاً للكل بطريق الأمر لا بطريق المباشرة. ثم في تقسيم ذلك الأمر وماهيته غموض يقصر عنه أكثر الأفهام ولا يحتمله هذا الكتاب:
فهؤلاء الأصناف كلهم محجوبون بالأنوار المحضة. وإنما الواصلون صنف رابع تجلى لهم أيضاً أن هذا "المطاع" موصوف بصفة تنافى الوحدانية المحضة والكمال البالغ لسر لا يحتمل هذا الكتاب كشفه: وأن نسبة هذا "المطاع" نسبة الشمس في الأنوار. فتوجهوا مِن الذى يحرك السماوات ومن الذى يحرك الجرم الأقصى، ومِن الذى أمر بتحريكها