وطائفة سادسة ترقّوا عن هؤلاء فقالوا: النور كله لا ينفرد به الشمس بل لغيرها أنوار، ولا ينبغى للرب شريك في نورانيته فعبدوا النور المطلق الجامع لجميع أنوار العالم وزعموا أنه رب العالم والخيرات كلها منسوبة إليه. ثم رأوا في العالم شروراً فلم يستحسنوا إضافتها إلى ربهم تنزيهاً له عن الشر، فجعلوا بينه وبين الظلمة منازعة، وأحالوا العالم إلى النور والظلمة، وربما سموهما "يزدان" و"أهرمن"، وهم الثنوية. فيكفيك هذا القدر تنبيهاً على هذا الصنف، فهم أكثر من ذلك.
الصنف الثانى المحجوبون ببعض الأنوار مقروناً بظلمة الخيال، وهم الذين جاوزوا الحس، وأثبتوا وراء المحسوسات أمراً، لكن لم يمكنهم مجاوزة الخيال، فعبدوا موجوداً قاعداً على العرش. وأخسهم رتبة المجسّمة ثم أصناف الكرّامية بأجمعهم. ولا يمكننى شرح مقالاتهم ومذاهبهم فلا فائدة في التكثير. لكن أرفعهم درجة مَنْ نَفَى الجسمية وجميع عوارضها إلا الجهة المخصوصة بجهة فوق: لأن الذى لا ينسب إلى الجهات ولا يوصف بأنه خارج العالم ولا داخله لم يكن عندهم موجوداً إذا لم يكن متخيلاً. ولم يدركوا أن أول درجات المعقولات تجاوزُ النسبة إلى الجهات.
الصنف الثالث المحجوبون بالأنوار الإلهية مقرونة بمقايسات عقلية فاسدة مظلمة (و ٢١ـ ا) فعبدوا إلها سميعاً بصيراً متكلماً عالماً قادراً مريداً حياً، منزهاً عن الجهات، لكن فهموا هذه الصفات على حسب