للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المحسوسة وصدهم عن ذلك ظلمة الحس، فإن الحس ظلمة بالإضافة إلى العالم الروحانى العقلى كما سبق.

الطائفة الثانية جماعة من أقاصى الترك ليس لهم ملة ولا شريعة يعتقدون أن لهم رباً وأنه أجملُ الأشياء، فإذا رأوا إنساناً في غاية الجمال أو شجراً أو فَرَساً أو غير ذلك سجدوا له وقالوا إنه ربنا. فهؤلاء محجوبون بنور الجمال مع ظلمة الحس، وهم أدخل في ملاحظة النور من عبدة الأوثان لأنهم يعبدون الجمال المطلق دون الشخص الخاص فلا يخصصونه بشىء؛ ثم يعبدون الجمال المطبوع لا المصنوع من جهتهم وبأيديهم.

وطائفة ثالثة قالوا ينبغى أن يكون ربنا نورانياً في ذاته بهيّاً في صورته، ذا سلطان في نفسه، مهيباً في حضرته، لا يطاق القرب منه، ولكن ينبغى أن يكون محسوساً؛ إذ لا معنى لغير المحسوس عندهم. ثم وجدوا النار بهذه الصفة فعبدوها واتخذوها رباً. فهؤلاء محجوبون بنور السلطنة والبهاء: وكل ذلك من أنوار الله تعالى.

وطائفة رابعة زعموا أن النار نستولى عليها نحن بالإشعال والإطفاء، فهى تحت تصرفنا فلا تصلح للإلهية، بل ما يكون بهذه الصفات ولم يكن تحت تصرفنا ثم نكون نحن تحت تصرفه ويكون مع ذلك موصوفاً بالعلو والارتفاع. ثم كان المشهور فيما بينهم علم النجوم وإضافة التأثيرات إليها. فمنهم من عبد الشّعرَى، ومنهم من عبد المُشْتَرى إلى غير ذلك من الكواكب بحسب ما اعتقدوه في النجوم من كثرة التأثيرات. فهؤلاء محجوبون بنور العلو والإشراق والاستيلاء، وهى من أنوار الله تعالى.

وطائفة خامسة ساعدت هؤلاء في المأخذ ولكن قالت لا ينبغى أن يكون ربنا موسوماً بالصغر والكِبَر بالإضافة إلى الجواهر النورانية، بل ينبغى أن يكون أكبرها، فعبدوا الشمس وقالوا هى أكبر. فهؤلاء محجوبون بنور الكبرياء مع بقية الأنوار مقروناً بظلمة الحس.

<<  <   >  >>