يسرى إليه الوجود من الأول الحق رؤى موجوداً لا في ذاته لكن من الوجه الذى يلى موجده (و ٨ـ ا) ، فيكون الموجود وجه الله تعالى فقط. فلكل شىء وجهان: وجه إلى نفسه ووجه إلى ربه؛ فهو باعتبار وجه نفسه عدم وباعتبار وجه الله تعالى موجود. فإذن لا موجود إلا الله تعالى ووجهه. فإذن كل شىء هالك إلا وجهه أزلاً وأبداً. ولم يفتقر هؤلاء إلى يوم القيامة ليسمعوا نداء البارى تعالى {لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} . بل هذا النداء لا يفارق سمعهم أبداً. ولم يفهموا من معنى قوله "الله أكبر" أنه أكبر من غيره، حاش لله، إذ ليس في الوجود معه غيره حتى يكون أكبر منه؛ بل ليس لغيره رتبة المعية، بل رتبة التبعية. بل ليس لغيره وجود إلا من الوجه الذى يليه. فالموجود وجهه فقط. ومحال أن يقال إنه أكبر من وجهه. بل معناها أنه أكبر من أن يقال له أكبر بمعنى الإضافة والمقايسة، وأكبر من أن يدرك غيره كنه كبريائه، نبّياً كان أو مَلَكاً. بل لا يعرف الله كنه معرفته إلا الله. بل كل معروف داخل في سلطة العارف واستيلائه دخولاً مّا؛ وذلك ينافي الجلال والكبرياء. وهذا له تحقيق ذكرناه في كتاب "المقصد الأسنى في معانى أسماء الله الحسنى".