و"الرق المنشور". وإن كان فوق الناقش للعلوم شىء هو مسخر فمثاله "اليد". وإن كان لهذه الحضرة المشتملة على اليد واللوح والقلم والكتاب ترتيب منظوم فمثاله "الصورة". وإن كان يوجد للصورة الإنسية نوع ترتيب على هذه الشاكلة، فهى على صورة الرحمن. وفرق بين أن يقال "على صورة الرحمن" وبين أن يقال "على صورة الله" لأن الرحمة الإلهية هى التى صورت الحضرة الإلهية بهذه الصورة.
ثم أنعم على آدم فأعطاه صورة مختصرة جامعة لجميع أصناف ما في العالم حتى كأنه كل ما في العالم أو هو نسخة من العالم مختصرة. وصورة آدم - أعنى هذه الصورة - مكتوبة بخط الله. فهو الخط الإلهى الذى ليس برقم حروف، إذ تنزه خطه عن أن يكون رقماً وحروفاً كما تنزه كلامه (عن) أن يكون صوتاً وحرفاً، وقلمه عن أن يكون خشباً وقصباً، ويده عن أن تكون لحماً وعظماً. ولولا هذه الرحمة لعجز الأدمى عن معرفة ربه: إذ لا يعرف ربه إلا من عرف نفسه. فلما كان هذا من آثار الرحمة صار على صورة الرحمن لا على صورة الله: فإن حضرة الإلهية غير حضرة الرحمة وغير حضرة الملك وغير حضرة الربوبية. ولذلك أمر بالعياذ (و ١٤ـ ا) بجميع هذه الحضرات فقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس * مَلِكِ الناس * إلاه الناس} ولولا هذا المعنى لكان ينبغي أن يقول "على صورته" واللفظ الوارد في (الحديث) الصحيح (على صورة الرحمن) .
ولأن تمييز حضرة الملك عن الإلهية والربوبية يستدعى شرحاً طويلاً،