المعين المثالات الخيالية للمعارف العقلية. وهذه الخواص الثلاث لا نجدها في عالم الشهادة بالإضافة إلى الأنوار المبصرة إلا للزجاجة: فإنها في الأصل من جوهر كثيف لكن صُفىّ ورقق حتى لا يحجب نور المصباح بل يؤديه على وجهه، ثم يحفظه عن الانطفاء بالرياح العاصفة والحركات العنيفة. فهى أول مثال له.
وأما الثالث وهو الروح العقلى الذى به إدراك المعارف الشريفة الإلهية فلا يخفى عليك وجه تمثيله بالمصباح. وقد عرفت هذا فيما سبق من بيان كون الأنبياء سُرُجاً منيرة (و ١٧ـ ب) .
وأما الرابع وهو الروح الفكرى فمن خاصيته أنه يبتدئ من أصل واحد ثم تتشعب منه شعبتان، ثم من كل شعبة شعبتان وهكذا إلى أن تكثر الشعب بالتقسيمات العقلية، ثم يفضى بالآخرة إلى نتائج هى ثمراتها. ثم تلك الثمرات تعود فتصير بذوراً لأمثالها: إذ يمكن أيضاً تلقيح بعضها بالبعض حتى يتمادى إلى ثمرات ورائها كما ذكرناه في كتاب القسطاس المستقيم. فبالحرِىّ أن يكون مثاله من هذا العالم الشجرة. وإذ كانت ثمراته مادة لتضاعف أنوار المعارف وثباتها وبقائها فبالحرِىّ ألا تمثل بشجرة السفرجل والتفاح والرمان وغيرها، بل من جملة سائر الأشجار بالزيتونة خاصة: لأن لب ثمرها هو الزيت الذى هو مادة المصابيح، ويختص من سائر الأدهان بخاصية زيادة الإشراق مع قلة الدخان. وإذا كانت الماشية التى يكثر نسلها والشجرة التى تكثر ثمرتها تسمى