إذ من المعلوم في الفقه الإسلامي أن ثبوت الأمان للموفد من قومه، أو دولته إلى بلاط الدولة الإسلامية نافذ المفعول بمجرد دخوله إلى الديار الإسلامية إذا ثبت أنه رسول موفد من قومه ولا يكلف إقامة البيّنة، لذا اكتفى الفقهاء بالعلامة وهي أن يكون معه كتاب من حاكم بلاده. فإذا أخرج الكتاب فالظاهر أنه صادق والبناء على الظاهر واجب فيما لا يمكن الوقوف على حقيقته، وهنا لا يتعرض لشخصه بسوء حتى يعود إلى بلاده، لأن أمر القتال والصلح لا يتم إلا بالرسل فلا بد من تحقيق الأمان لهم لتحقيق الغرض من إرسالهم. فقد جاء في كتاب " السير الكبير " للإمام الفقيه محمد بن الحسن الشيباني أن " الولاة إذا ما لقوا رسولاً يسألونه عن اسمه، فإن قال أنا رسول الملك بعثني إلى ملك العرب وهذا كتابه معي، وما معي من الدواب والمتاع والرقيق فهديه إليه فإنه يصدق ولا سبيل عليه، ولا يتعرض له، ولا لما معه من المتاع والسلاح والرقيق والمال. وكذلك لو أن المسلمين أسروا مركباً في البحر، وقال نفر من ركابها: نحن رسل بعثنا الملك فلا يتعرض لهم "(١) . وظاهر النص الفقهي أن الرسل سواء جاؤوا من البر أو البحر فهم آمنون مطمئنون لا يحسون بسوء
(١) انظر: السير الكبير شرح السرخسي، ج٢، ص٤٧١، ٤٧٣، طبعة معهد المخطوطات، جامعة الدول العربية.