للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(شَرِبتْ بماءِ الدُّحرُضَينِ فأَصبَحتْ ... زَوْراءَ تَنفِرُ عن حِياضِ الدَّيلَمِ)

قوله (شربت بماء الدحرضين) أراد: من ماء الدحرضين، فالباء بمعنى من. حكى عن العرب: سقاك

الله بحوض الرسول، أي من حوض الرسول صلى الله عليه وسلم. و (الدحرضان): ماءان يقال

لأحدهما دحرض، وللآخر وسيع، فلما جمعهما غلب أحد الاسمين، كما قال الآخر، أنشده الفراء:

فبصرة الأزد منَّا والعراقُ لنا ... والموصلان ومنَّا مصر فالحرمُ

أراد: والموصل والجزيرة، فغلب الموصل على الجزيرة فقال الموصلان. وقال الفرزدق:

أخذنا بآفاق السَّماء عليكم ... لنا قَمَراها والنُّجومُ الطوالعُ

أراد: لنا شمسها وقمرها، فغلب القمر على الشمس فقال قمراها. وقال الآخر:

فقرُى العراقِ مَقيلُ يومٍ واحدٍ ... فالبصرتان فواسطٌ تكميلهُ

أراد: فالبصرة والكوفة، فغلب البصرة على الكوفة فقال: فالبصرتان. وقال الآخر:

نحن سبينا أُمَّكمْ مُقْرباً ... يومَ صَبَحْنا الحِيرتَين المنونْ

أراد: الحيرة والكوفة، فغلب الحيرة. وقال العجاج:

وبالنِّبَاجَينِ ويَوْمَ مَذْحجا

أراد: النباج وثيتل، فغلب النباج. ومعنى البيت: شربت بماء الدحرضين فهي به آمنة ريا تنفر عن

حياض الديلم، أي مياه الديلم. والديلم عند الأصمعي: الأعداء وإن كانوا غرباء. وهذا كما يقال

للأعداء: كأنهم الترك والديلم. يريد أن عدواتهم كعداوة أولئك. وأنشد الأصمعي:

كأني إذْ رهنتُ بَنىَّ قومي ... دفعتُهم إلى صُهب السبِّالِ

<<  <   >  >>