للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويقول الحافظ ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} أي إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه السلام واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم لأن الجميع معترفون لكم بالفضل، والوسط هنا الخيار والأجود. . . ولما جعل الله هذه الأمة وسطا خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب (١) .

ومعنى الأمة الوسط أنها أفضل الأمم وأعدلها وأكملها وأبعدها عن الغلو، فمثل هذه الأمة تحميها وسطيتها مما يلحق بأخواتها - إذا جانبت الوسطية- من النقائص والعيوب من جميع النواحي (٢) .

ولن نعني بوسطية الإسلام أو وسطية الأمة الإسلامية وسطية تاريخية ولا جغرافية ولا ثقافية ولا عرقية لأن معيار الصلاح والتقوى هو المقياس الذي وضعه الإسلام منهجاً تقاس به أفضلية الأمم والأفراد وكمالها. قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (سورة الحجرات: ١٣) .


(١) تفسير القرآن العظيم، الحافظ ابن كثير، المجلد الأول، ص ١٨١، الطبعة الأولى ١٤٠٨هـ / ١٩٨٨م، دار الحديث - القاهرة.
(٢) أصول المجتمع الإسلامي، د جمال الدين محمد محمود، ص ١٧١.

<<  <   >  >>