أَنَّهُ بِالْقَوْلِ خَاصَّةً يَجْعَلُهُ مُؤْمِنًا حَقًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَمَلٌ، فَهُوَ مُعَانِدٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَالسُّنَّةِ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ تَفَاضُلَهُ فِي الْقَلْبِ، قَوْلُهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠] أَلَسْتَ تَرَى أَنَّ هَاهُنَا مَنْزِلًا دُونَ مَنْزِلٍ ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠] كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: ١٣٦].
فَلَوْلَا أَنَّ هُنَاكَ مَوْضِعَ مَزِيدٍ، مَا كَانَ لَأَمْرِهِ بِالْإِيمَانِ مَعْنًى، ثُمَّ قَالَ أَيْضًا ﴿ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾، وَقَالَ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مِنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ [العنكبوت: ١٠] وَقَالَ ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤١].
أَفَلَسْتَ تَرَاهُ ﵎، قَدِ امْتَحَنَهُمْ بِتَصْدِيقِ الْقَوْلِ بِالْفِعْلِ، وَلَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ بِالْإِقْرَارِ دُونَ الْعَمَلِ، حَتَّى جَعَلَ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ؟ فَأَيُّ شَيْءٍ يُتَّبَعُ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ، وَمِنْهَاجِ السَّلَفِ بَعْدَهُ الَّذِينَ هُمْ مَوْضِعُ الْقُدْوَةِ وَالْإِمَامَةِ؟!
فَالْأَمْرُ الَّذِي عَلَيْهِ السُّنَّةُ عِنْدَنَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا؟ مِمَّا اقْتَصَصْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا (٣٨): أَنَّ الْإِيمَانَ بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا، وَأَنَّهُ دَرَجَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، إِلَّا أَنَّ أَوَّلَهَا وَأَعْلَاهَا الشَّهَادَةُ بِاللِّسَانِ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي جَعَلَهُ فِيهِ بِضْعَةً وَسَبْعِينَ جُزْءًا، فَإِذَا نَطَقَ بِهَا الْقَائِلُ، وَأَقَرَّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَزِمَهُ اسْمُ الْإِيمَانِ بِالدُّخُولِ فِيهِ بِالِاسْتِكْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا عَلَى تَزْكِيَةِ النُّفُوسِ، وَكُلَّمَا ازْدَادَ لِلَّهِ طَاعَةً وَتَقْوَى، ازْدَادَ بِهِ إِيمَانًا.
(٣٨) الأصل "عندنا ماضي عليه علمانا ما اقتصصنا في كتابنا هذا لأن"!
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute