للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ لَا مِنَ الْآخَرِينَ، فَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَنَا أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَأَتْقَى لَهُ مِنْ أَنْ يُرِيدَهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ يَقُولُ:

﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [النجم: ٣٢].

وَالشَّاهِدُ: (عَلَى مَا نَظُنُّ) أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ هَذَا لَا يَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ عَلَى تَزْكِيَةٍ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا، وَلَا نَرَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُهُ عَلَى قَائِلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ، إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَخَذَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ وَطَاوُسٌ وَابْنُ سِيرِينَ ثُمَّ أَجَابَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَنْ قَالَ: "أَنَا مُؤْمِنٌ"، فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ مَحْفُوظًا عَنْهُ (٤٣) فَهُوَ عِنْدِي عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ، وَقَدْ رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يُنْكِرُهُ وَيَطْعَنُ فِي إِسْنَادِهِ، لِأَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى خِلَافِهِ.

وَكَذَلِكَ نَرَى مَذْهَبَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَمَّوْنَ بِهَذَا الِاسْمِ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ، فَيَقُولُونَ: نَحْنُ مُؤْمِنُونَ، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلُ: عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَالصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ، إِنَّمَا هُوَ عِنْدَنَا مِنْهُمْ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْإِيمَانِ لَا عَلَى الِاسْتِكْمَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ ابْنِ سِيرِينَ وَطَاوُسٍ إِنَّمَا كَانَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا بِهِ (٤٤) أَصْلًا، وَكَانَ الْآخَرُونَ يَتَسَمَّونَ بِهِ.

فَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: كَإِيمَانِ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ! فَمَعَاذَ اللَّهِ، لَيْسَ هَذَا طَرِيقَ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ جَاءَتْ كَرَاهِيَتُهُ مُفَسَّرَةً عِنْدَ عِدَّةٍ مِنْهُمْ.


(٤٣) الأصل "محفوظ".
(٤٤) كذا الأصل، وفيه سقط ظاهر، ولعله "كانوا لا يتسمون به أصلًا".

<<  <   >  >>