للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعْدَ هَذِهِ الْحُجَجِ الْأَرْبَعِ؟ (٥٤).

وَقَدْ يَلْزَمُ أَهْلَ هَذَا الرَّأْيِ مِمَّنْ يَدَّعِي أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِالْإِيمَانِ مُسْتَكْمِلٌ لَهُ: مِنَ التَّبَعَةِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَذَلِكَ فِيمَا قُصَّ عَلَيْنَا مِنْ نَبَأِ إِبْلِيسَ فِي السُّجُودِ لِآدَمَ، فَإِنَّهُ قَالَ ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [ص: ٧٤] فَجَعَلَهُ اللَّهُ بِالِاسْتِكْبَارِ كَافِرًا، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ غَيْرُ جَاحِدٍ لَهُ، أَلَا تَسْمَعُ ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: ١٢]، وَقَوْلُهُ ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الحجر: ٣٩]؟ فَهَذَا الْآنَ مُقِرٌّ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ، وَأَثْبَتَ الْقَدَرَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: ﴿أَغْوَيْتَنِي﴾ [الأعراف/ ١٦ والحجر / ٣٩]، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة/ ٣٤ ص / ٧٤] أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا عِنْدِي، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَافِرًا قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالسُّجُودِ لَمَا كَانَ فِي عِدَادِ الْمَلَائِكَةِ (٥٥)، وَلَا كَانَ عَاصِيًا إِذًا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ أُمِرَ بِالسُّجُودِ وَيَنْبَغِي فِي هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَكُونَ إِبْلِيسُ قَدْ عَادَ إِلَى الْإِيمَانِ بَعْدَ الْكُفْرِ، لِقَوْلِهِ ﴿رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ [الحجر: ٣٩] وَقَوْلِهِ ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: ١٢]، فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ يَعْرِفُ اللَّهَ وَكِتَابَهُ وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ أَنْ يُثْبِتَ الْإِيمَانَ لِإِبْلِيسَ الْيَوْمَ؟


(٥٤) الأصل "الحجة" وفيه بعد سطر "الشيعة مما" بدل "التبعة ما".
(٥٥) يعني الذين أمروا بالسجود، ولا يعني المصنف رحمه الله تعالى: أنه كان منهم في الخلق والجبلة، كيف والقرآن يقول عنه: (كان من الجن)، والرسول قال: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق آدم مما وصف لكم". مختصر مسلم رقم (٢١٦٩).

<<  <   >  >>