للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ" (١٠٦) وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ: "الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ" (١٠٧).

لَيْسَ وُجُوهُ هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا مِنَ الذُّنُوبِ: أَنَّ رَاكِبَهَا يَكُونُ جَاهِلًا وَلَا كَافِرًا وَلَا مُنَافِقًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ، وَمُؤَدٍ لِفَرَائِضِهِ، وَلَكِنْ مَعْنَاهَا أَنَّهَا تَتَبَيَّنُ مِنْ أَفْعَالِ الْكُفَّارِ مُحَرَّمَةٌ مَنْهِيٌّ (١٠٨) عَنْهَا فِي الْكِتَابِ وَفِي السُّنَّةِ، لِيَتَحَامَاهَا الْمُسْلِمُونَ وَيَتَجَنَّبُوهَا، فَلَا يَتَشَبَّهُوا بِشَيْءٍ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَلَا شَرَائِعِهِمْ وَلَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: "إِنَّ السَّوَادَ خِضَابُ الْكُفَّارِ" (١٠٩) فَهَلْ يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ يَكْفُرُ مِنْ أَجْلِ الْخِضَابِ؟ وَكَذَلِكَ حَدِيثُهُ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ، ثُمَّ مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُوجَدُ رِيحُهَا: "أَنَّهَا زَانِيَةٌ" (١١٠) فَهَلْ يَكُونُ هَذَا عَلَى الزِّنَا الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْحُدُودُ؟ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: "الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهَاتَرَانِ، وَيَتَكَاذَبَانِ" (١١١)، أَفَيُتَّهَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ الشَّيْطَانَيْنِ اللَّذِينَ هُمْ أَوْلَادُ إِبْلِيسَ؟ إِنَّمَا هَذَا كُلُّهُ عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْأَخْلَاقِ وَالسُّنَنِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ كُفْرٍ أَوْ شِرْكٍ لِأَهْلِ الْقِبْلَةِ فَهُوَ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا، وَلَا يَجِبُ اسْمُ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ الَّذِي تَزُولُ بِهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ وَيُلْحَقُ صَاحِبُهُ بِرِدَّةٍ إِلَّا كَلِمَةُ الْكُفْرِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا، وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ مُفَسَّرَةً.


(١٠٦) متفق عليه من حديث أبي هريرة .
(١٠٧) رواه أبو داود (٤٩٢٧) عن عبد الله وهو ابن مسعود مرفوعا، وإسناده ضعيف.
(١٠٨) كذا الأصل، ولا يخلو من شيء.
(١٠٩) حديث ضعيف أخرجه الطبراني والحاكم وقال الذهبي وغيره: "حديث منكر".
(١١٠) حديث صحيح، أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في "صحاحهم" عن أبي موسى الأشعري مرفوعا بلفظ: "أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية". وأخرجه بنحوه ابو داود والترمذي وصححه.
(١١١) حديث صحيح، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وابن حبان في "صحيحه" وأحمد عن عياض بن حمار ، وهو في "صحيح الجامع الصغير" رقم (٦٥٧٢) طبع المكتب الإسلامي.

<<  <   >  >>