للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاحِدٍ مِنْهُمْ، عَلَى قَدْرِ ذَنْبِهِ قَدْ لَزِمَهُ اسْمُ الْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنْ بَعْضٍ، وَفَسَّرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ، حِينَ قَالَ: "عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاللَّهِ" ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج: ٣٠] " (١١٨) فَقَدْ تَبَيَّنَ لَنَا الشِّرْكُ وَالزُّورُ، وَإِنَّمَا تَسَاوَيَا فِي النَّهْيِ (١١٩)، نَهَى اللَّهُ عَنْهُمَا مَعًا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَهُمَا فِي النَّهْيِ مُتَسَاوِيَانِ، وَفِي الْأَوْزَارِ وَالْمَأْثَمِ مُتَفَاوِتَانِ، وَمِنْ هُنَا وَجَدْنَا الْجَرَائِمَ كُلَّهَا، أَلَا تَرَى السَّارِقَ يُقْطَعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَطْعٌ؟ فَقَدْ يَجُوزُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ: هَذَا سَارِقٌ كَهَذَا، فَيَجْمَعْهُمَا فِي الِاسْمِ، وَفِي رِكُوبِهِمَا الْمَعْصِيَةِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى قَدْرِ الزِّيَادَةِ فِي الذَّنْبِ، وَكَذَلِكَ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ يَزْنِيَانِ، فَيُقَالُ: هُمَا لِلَّهِ عَاصِيَانِ مَعًا، وَأَحَدُهُمَا أَعْظَمُ ذَنْبًا وَأَجَلُّ عُقُوبَةً مِنَ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ" (١٢٠)، إِنَّمَا اشْتَرَكَا فِي الْمَعْصِيَةِ حِينَ رَكِبَاهَا، ثُمَّ يَلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا بِقَدْرِ ذَنْبِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: "حُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ" (١٢١) وَعَلَى هَذَا وَمَا أَشْبَهَ أَيْضًا.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَتَبْنَا هَذَا الْكِتَابَ عَلَى مَبْلَغِ عِلْمِنَا، وَمَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنَ الْكِتَابِ، وَآثَارِ النَّبِيِّ ، وَالْعُلَمَاءِ بَعْدَهُ، وَمَا عَلَيْهِ لُغَاتُ الْعَرَبِ وَمَذَاهِبُهَا، وَعَلَى اللَّهِ التَّوَكُّلُ، وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ.


(١١٨) حديث ضعيف، أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي وأحمد، واستغربه الترمذي، وعلته الجهالة والاضطراب، وقد بينت ذلك في "الأحاديث الضعيفة " بعد الألف ومائة.
(١١٩) كذا الأصل.
(١٢٠) تقدم تخريجه (تعليق ١١٤).
(١٢١) حديث حسن، وقد مر تخريجه (تعليق ١١٥).

<<  <   >  >>