للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومنها قول الله تعالى في سورة (الأحزاب/٣٣ مصحف/٩٠ نزول) :

{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَاكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}

ومن هذا يظهر لنا ارتفاع المؤاخذة عن الأخطاء التي تخرج عن دائرة سلطة الإرادة، مما لا يملك الإنسان دفعه، وأن المسؤولية رهن بما تعمدت القلوب من أعمال، وما تعمدته القلوب هو ما توجهت الإرادة لفعله.

فإذا أضفنا إلى هذا قول الله تعالى في سورة (البقرة/٢ مصحف/٨٧ نزول) :

{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا..} .

وقول الله تعالى في سورة (الطلاق/٦٥ مصحف/٩٩ نزول) :

{لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا} .

وقوله الذي تكرر في (الأنعام والأعراف والمؤمنون) :

{لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} .

تبين لنا أن ورود التكليف يستلزم وجود الاستطاعة حتماً، وأول عناصر الاستطاعة وجود الإرادة الحرة، وتبين لنا أن المؤاخذة ترتفع متى سلبت الإرادة، لأن التكليف يرتفع حكماً عند سلبها، فلا يمكن أن يوجد في الواقع تناقض بين مقتضيات المشيئة الإلهية، وبين مقتضيات أمر التكليف الإلهي.

والرأي الجبري الفاسد يدَّعي سلب الإرادة مع أن التكليف متوجه، وأن المؤاخذة بعد ذلك متوجه، وهذا معارض للنصوص القرآنية، ومعارض لمنطق العقل وبديهته، وهذا الرأي الجبري هو ما استغله سيادة الناقد لنقض قضية الدين، مع أنه ليس هو الإسلام، ولا فهم جمهور المسلمين، وإنما هو رأي مرفوض تماماً.

فكل نقاش بناه "الناقد" على هذا الرأي المرفوض نقاش ساقط لا قيمة له.

<<  <   >  >>