للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأمور وسطوحها القريبة، ويتعامى عن بواطنها وعواقبها، ثم يحاول هذا الذكاء الغبي السطحي أن ينسج الحيل بمكر ودهاء ليقدم لنازغة الشر مطالبها الدنيئة الحقيرة، ولو عن طريق الإفساد والجريمة وإنكار الحق.

عندئذٍ تبدأ صور الفساد والجريمة تظهر في سلوكه الشاذ المنحرف، كما تبدأ صور تبرير هذا الانحراف تظهر في المفاهيم والآراء التي يبثها، ويحاول إقناع الناس بها بغية المحافظة على مركزه الاجتماعي، وحماية نفسه من غضب الجماهير الذين ينالهم شره وضره.

فهو -مثلاً- يذبح الفضيلة مرتدياً مسوح التقوى، ويمارس الجريمة حاملاً شعار الإنسانية، ويقوض دعائم الحق والهدى باسم محاربة الباطل والضلال، ويهدم أبنية الخير الفاضلة باسم التخلص من الفساد، ويحاول محو شرائع الله الحقة التي تحمل للناس السعادة والمجد باسم الإصلاح الديني أو الإصلاح الاجتماعي.

فإذا وقفت في سبيله نصوص الشريعة الثابتة أنكرها وأوَّلها، وإذا أرهبته في طريق جريمته معتقداته عن وجود الله وعدله وجزائه يوم الدين ألحد بالله وأنكر العدل والجزاء، وسعى يقتنص لإلحاده أدلة واهية ليخدع بها نفسه ومن لديه نفسٌ شاذة مثل نفسه، وليخدع بها الدهماء من الناس. لئلا يثوروا عليه، فإذا انطلت حيلته على جمهور من الناس انطلق داخلاً في كل نفق شيطاني خبيث، خشية أن تنكشف خبيئة نفسه المجرمة، وفراراً من النور إلى الظلمات، وهروباً من وجه الحق المبين، والعلم المنير، والخير والفضيلة، إلى معاقل شياطين الباطل والشر والرذيلة.

ومن هذه النوازغ الشاذة ما يسمى بجنون العظمة، والرغبة بالسلطان، ومنها الإفراط الشديد بحب المال والفتنة الشديدة بجمعه ومنعه، ومنها شهوة الظلم والقتل والاعتداء على الآخرين، ومنها الدوافع الجنسية الشاذة المفرطة، إلى غير ذلك من نوازغ.

<<  <   >  >>