للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واينال الحلمى بالشام وكاتبه الطغام والعظام وهرب بالقاهرة العزيز وأزت الشياطين فاشتد الأزيز وتخبط بالصعيد العربان وفشا في عساكر الإسلام الطربان فسفه الحليم وحار الحكيم وضل كل ذي رأي قويم فثبت الملك الظاهر جاشه وتعرف إلى الله تعالى فأزال استيحاشه وأصفى سرائره ولم نزل سيرته ظاهره فكان الله عونه وناصره فأطفأ بأدنى لطفه شواط تلك النائره وقد بسط ذلك في سيرته الظاهرة فتبدل الجحيم بالنعيم ورفع الله تعالى عن الإسلام والمسلمين العذاب الأليم كل ذلك بثبات القدم وعلو الهمم ولم تحصل هذه الفعلة الذكية الرائحة إلا بالطوية الطيبة والنية الصالحة وأما التحفظ فمن مواد شرور ملتبس بها الجمهور منها لحقد والملال والكذب في المقال والحسد والاحتيال فأن الحقود وقود والحسود لا يسود والكذوب يذوب والملول لا يطول والمحتال مغال وباقي النصائح الذكية والروائح تأتيك بالسعد فيما بعد وأنا الآن أقدم للبيان وأذكر الأهم وما فائدته أعم قبل الشروع أمام المقصود وهو تأكيد مواثيق العهود فأنه إذا حفتك الجنود وأحاط بك أرباب الرايات والبنود وأنت جالس على السرير وفي خدمتك المأمور والأمير والكبير والصغير يعسر على استيفاء الخطاب واستيعاب الجواب ولا يليق بعظمتك ومقام حرمتك إطالة الكلام ولو اقتضاه المقام خصوصاً بحضور الخاص والعام ولو كان المتكلم أعز الخدام وأقرب الإلزام فلا أقدر أن أتجرأ عليك وأنهي جميع ما أريده إليك لأن قصد الخادم إقامة حرمة مخدومه والمبالغة في حفظ ناموسة وتعظيمه وكثرة الكلام تمنعه عن هذا القصد وتدفعه وأما في هذا الوقت فأن كثير كلامي لا يورث شيأ من المقت فلا حرج على كلامي كيفما خرج

<<  <   >  >>