قال يسار بارك الله فيك وأبقاك لذويك فما أدق نظرك وأحسن في عواقب الأمور فكرك وأصوب غوصك على جواهر الانتقاد واغرب بوصك إلى زواهر الاعتقاد فقل ما بدا لك مما يزين حالي وحالك فان حرمتي حرمتك وحشمتي حشمتك فإن عظمتني عظمت نفسك وإن وفرت مالي فقد زدت كدسك والخادم إذا لم يقصد رفعة مخدومه ويعد ذلك من أكبر همومه ويسعى فيه ساعة فساعة وفي كل مكان وعند كل جماعه وإلا فيدل ذلك على خساسة مقداره وقصور نظره ولؤم نجاره وركاكة همته واستبذال حرمته فقال أبو زنمه أول شروطي يا ذا العظيمة أن لا تقرب المؤذين ولا تلتفت إلى الأشرار المغتابين ولا تضيع الأوقات في الإصغاء إلى القينات ولا تسمع كلام واش وتعد كلامه أقل من لاش ثانيها أن لا تعجل في فصل الحكومات بل تتعاطاه بالتفتيش والالتفات إلى أن تتجلى صورتها وتتعين حقيقتها فإذا وضحت لديك وتخلت مخدرة حقيقتها عليك أجهد فيها بالصدق وأعمل بما يقتضيه الحق ثالثها أن لا تعود لسانك الفحش والبذاءة فان في ذلك على الملك أسوأ إساءة فان الكلام يؤثر في القلوب وينفر من قبحه الطالب والمطلوب وقد قيل:
جراحات السنان لها التثام ... ولا يلتام ما جرح اللسان وقد قيل إن عيسى عليه السلام مر بجماعة في بعض الأيام فصادفوا كلباً أجرب فقال له سلمك الله أذهب فقال كل من أصحابه مما كان معبي في جرابه من الاستيقاض وطلب البعد عنه والمناص وما سلموا إلى عيسى حاله بل سألوه عن كلامه له وما دعا له