طائعاً مختاراً ليس إكراهاً ولا إجباراً أنه لا يسلك مع الجرذان إلا طريق الأمان والإحسان وأنه لا ينوء إليه بقصد سوء بحيث تتأكد المحبة وتزداد الصداقة والصحبة فرجع الجرذان وهو بهذه الحركة جذلان وصار كل يوم يأتي أبا غزوان بما التزم به من الغداء والعشاء كل صباح وعشاء إلى أن صح القط واستوى وسلمت خلوات بدنه من الخو والخوا وصارت المحبة تنعه بكل يوم عقد مجدداً ويزداد كل منهما في الآخر محبة وتودداً وكان لهذا القط ديك وهو صاحب قديم وصديق نديم كل منهما يأنس بصاحبه ويحفظ خاطره بمراعاة جانبه للديك تعويق عن زيارة الصديق فغاب عنه مدة وكل منهما للفراق في شده فلم يتفق لهما إلا وقد حصل للقط الشفاء وزال الشقاء فسأل الديك صاحبه بماذا صارت علته ذاهبة وذاك الهزال بأي شيء زال فاخبره بأحوال الجرذ أبي جوال وأنهى أمره من الأول إلى الآخر وبالغ في الشكر في الباطن والظاهر وأنه كان سبب حياته ونجاته من مخاليب مهلكاته وأنه لم يكن مثله في الأصحاب وقد صار أعز الأصدقاء والأحباب فغار الديك على الصاحب القديم وأختشى أن يفسد ما بينهما المفسد الذميم فضحك مستغرباً وصفق بجناحيه متعجباً فقال له مم تضحك فقال من سلامة باطنك وانقيادك لمداهنك وحسن صنائعك مع المنافق مخادعك ومكارم أخلاقك مع ناقض ميثاقك وإصغائك لهذا الخبيث بمشوه الكلام ومموه الحديث ومن يا من لهذا البرم الواجب القتل في الحل والحرم المفسد لفاسق المؤذي المنافق الذي خدعك حتى أمن على نفسه واستطرق بذلك التمكن من أذاه ونحسه فتسلط الأذى كما يختار وانهمك في الشر آمناً منك البوار كل ذلك بسببك