أنبت لهم في بعض الجبال زراع القدرة ذو الجلال في رياض النزاهة والكمال شجرة ذات بهجة وجمال أصلها في أرض الملاحة ثابت وفرعها في أصل المحاسن نابت وغصنها إلى سماء العلى واصل وورقها كعقود الجمان بالبهاء متواصل لا سموم الصيف يزيل زهرتها ولا عواصف الخريف تذهب خضرتها ولا صرصر الشتاء يعري أغصانها ولا لواقح الربيع تذري أفنانها فاعجب بحسنها أهل تلك الديار وأشربوها إشراب بني إسرائيل عجلاً جسد إله خوار ثم تفانوا
في حبها وتهالكوا على قربها فعبدوها كما عبدوه واعتقدوها كما اعتقدوه واستولى على عقولهم الشيطان وصار يخاطبهم من الشجرة واحد من الجان فزادهم فيها اعتقاداً وعمهم بعبادتها كفراً وعناداً فقدم تلك البلاد فقير من السائحين وهو من عباد الله الصالحين فلما رأى تلك الحالة أفزعه ذلك وهاله وأخذته غيرة الإسلام وغضبة دعته ليالقيام فأخذ فأساً وقصدها ليقطع ساقها وعضدها فلما قرب إليها وأراد وضع الفأس عليها سمع منها صوتاً خوفه وعن مراده أوقفه فقال أيها الرجل الصالح والقادم السائح فيم ذي الهمة وعلام هذه العزمة المهمة وما قصدك بهذه الصدمة فقال غيرة لله أيها المضل اللاه شجرة تعبد من دون الرحمن ولا يغار لهذا الشان إنسان فلاقطعنك أيتها الشجرة المضلة ولا جعلنك حطباً ومثله فانك قد أضللت كثيراً من الناس وفعلت ما لم يفعله الوسواس الخناس وأنك لا تنفيع ولا تضرين سوى إنك إلى النار تجرين