للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقالت أيها الرجل الزاهد الصالح العابد أنا ما آذيتك ولا ضار رتك وإن رأيت نفعتك وبررتك وحاشاك أن تؤذي من لا آذاك وأنا أعلم أيها الرجل الكبير أنك غريب وفقير وما أقدمك على هذا البأس إلا الغربة والأفلاس فكف عن هذا الأمر وأطفئ فائرة هذا الجمر وارجع إلى منزلك واشتغل بطاعتك وعملك وأنا أوصلك كل نهار ديناراً ذهباً نضاراً كاملاً وافياً معياراً يأتيك هينا ميسراً كحل صباح مبكراً إذا استيقظت من رقدتك تجده موضوعاً تحت وسادتك وهذا هو الأليق بحالك وأفرغ لخاطرك وبالك وأخلص لك من ورطات المهالك وإذا أصلحت مع الله سريرتك وطهرت من أدناس الدنيا سرك وسريرتك فاترك الناس ولو كانوا جيرتك أو أهلك وعشيرتك وعليك بخويصة نفسك فإذا أنقذتها من الورطات فأمسك وقد قال منزل القرآن ليحرسكم يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم فلما سمع بالدينار ألهاه الطمع والاغترار فبردت همته وضعفت في الله قوته وتركها ورجع وترك القيام وهجع فلما أصبح الصباح وحاز بالصلاة الفلاح بادر إلى الفراش وطلب المعاش فوجد الدينار كما ذكره الشيطان وأشار فالتفقه وابتهج وتحقق أنه فتوح باب الفرج واستمر على ذلك أسبوعاً والذهب عنده مجموعاً ثم بعد ذلك قصد الفراش بسرور وأهتشاش فلم يجد شيأ من الذهب فتحرق قلبه والتهب فأخذه الحنق والقلق وأخذ الفأس وانطلق فلما قرب من الشجرة نادته بألفاظ عكره قف مكانك واذكر شانك وقل لي في ماذا جيت فلا حبيت ولا حبيت فقال جئت لأقطعك ومن الأرض أقلعك غيرة على الدين وقياماً بحق رب العالمين

<<  <   >  >>