في العلوم ووصل إلى استخراج الضمير المكتوم وقد بدلت بلادته بالذكاء وصار فؤاده كابن ذكاء فان اقتضت الآراء السلطانية سبرته واعتبرت فهمه بعدما اختبرته فادخل السلطان يده في كمه ونزع خاتمه من بصمه وأطبق يده عليه ليسبر منتهى علمه وينظر ما قاله الوزير في كيفية هذا التبديل والتغيير ثم أخرج يده من كمه وقال ليظهر نتائج علمه ليخبرنا بما في كفي وعن حواس العيون مخفي فتقدم الشاب ورفع الإصطرلاب ووضع أوضاع الحساب وخط ذلك النقي أشكال لحيان والنقي وسائر الأوضاع من الطريق والاجتماع ثم نظر وسبر وعبس وبسر وقدر وافتكر وقال دل الشكل والله أعلم أن ما حواه الكف المكرم شيء من المعادن محفوف بسودد أسواد بائن وهو في أفضل الأشكال لأنه مستدير وفي أحسن الألوان لأنه مستنير وفي دائرته قطر ومركزه وفي وسطه ثقب لمغرز وهو ثقيل أما في الثمن أو في التحميل ثم تأمل بعد الوقوف في أن هذا الموصوف ماذا يكون فقال كان والله أعلم فردة طاحون فضحك السلطان الكبير وخجل لذلك الوزير ثم قال السلطان أبي والله وله السبحان أن يكون بأقل كسحبان:
إذا كان الطباع طباع سوء ... فليس بنافع أدب الأديب
(وإنما أوردت) هذه المسائل لئلا يعترض قائل ويستدل بمثل هذا الدليل على أن الطباع لا تقبل التغيير والتحويل بل الطباع تتغير:
ومن ذا الذي يا عز لا يتغير ... فسبحان من لا يحول ولا يزول
الذي وضع عالم الكون على الانتقال والحلول وكل لجلال عظمته مخبت يمحق ما أراد