للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واعتمدت الذئاب في هذا الباب على ذئب فعله عجيب وأمره غريب سديد الختل والختر شديد المكر والكسر طالما أفسد ثله ودخل في قطيع ماشية فقطعه كله يعجز الأسود والنمور والفهود شيمته الغدر والخديعة ودأبه المكر وسوء الطبيعة شعر:

وقد جمع الضدين نوما ويقظة ... يخاف الرزايا فهو ويقظان نائم

فاختلى بهم أبو الأشبال وشاورهم فيما دهمه من الأهوال ونوجه بالخطاب إلى الأسد وقال ما رأيك في هذا النكد فقال لا تطلب النصر في هذا الحصر إلا من مالك العصر ومصرف أحوال الدهر بين الفرج والقسر وهو الله سبحانه وتعالى وعز شأنه وجل جلاله فأنا مظلومون وهم ظالمون ونحن ما اعتدينا عليهم ولا تقدمنا بالظلم إليهم فسيرد الله كيدهم في نحرهم وسحيق بهم عاقبة مكرهم وهذا أمر مقرر وأظنه هو المقدر وأما ما يتعلق بنا وبهم من الفرار والصلح أو حربهم فاذكره على التفصيل وأخبر في ذلك الرأي الجميل أما الفرار فلا سبيل إليه ولا معول أبداً عليه وأني ذلك وهو عيب ما وصمت به الأسود ولا لهم به وصف معهود وبنا يضرب المثل في الشجاعة والبسالة وتتشبه بنا الأبطال في الأقدام لا محالة وكيف نترك بلادنا وأهلنا وأولادنا من أول وهلة ونعزم على الرحلة ولا صادمناهم ولا واقفناهم ولو فعلنا ذلك فهربنا وتركنا مالنا وذهبنا لفسدت أمورنا وخربت ممالكنا دورباً ولا نفرط نظامنا وتعوج قوامنا واستمرت هذه الملامة إلى يوم القيامة ولدام علينا هذا العار ولا يقر لنا بعد ذلك قرار وأعلم أيها الملك نو والله وجه السرير بك أن العمر السنى ما مر في العيش الهني وقد قيل:

ما العمر ما طال به الدهور ... العمر ما طاب به السرور

<<  <   >  >>