للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يصدر على ذلك المولود من السعد والإسعاد ومن الخوف والرجاء في عالم الكون والفساد فهل اطلع الملك في أي ساعة وجد وكم أتى عليه من حين ولد قال نعم أعرف مدة عمري جزماً وهي اثنان وعشرون يوماً فتعجب المنجم من مقاله ولم يقف على حقيقة حاله فقال ليوضحالملك ما أشار لأقف على حقيقة هذه الأسرار فقال مدة استيلائي على السرير هو هذا القدر اليسير وأنا لا أحسب العمر ولا أعتد بوصال بيض ولا سمر إلا هذه الأيام والليالي ولا أحتسب سواها عمرا ولو بيع باللآلئ وقد قلت:

وعمر مضى بالهجر لست أعده ... ولكنني أقضيه في زمن العمل

وإنما عرضت يا بطل على رأيك السعيد هذا المثل لتعلم أن أيام المحنة لا تعد عمرا ولو قضى الإنسان فيها زمانا طويلا ودهرا وأما الصلح يا ذا الركون فعلى أي وجه يكون ومن أين يقع بيننا وبينهم اتفاق وسكون وليسوا من جلدتنا ولا على ملتنا وفي عصر وأوان ذل الأسد واستكان وخضع للفيل ودان أو أعطى الغضنفر النباج والضرغام الصعب الناج لغيره الجزية والخراج وهو في الحقيقة سلطان الوحوش ووهاب التاج فلم يبق إلا الاستعداد للمصادمة والتأهب للمقاحمة والمقاومة ولنا من ذلك في البين إحدى الحسنين أما الظفر بهم وهو المرام وأما الشهادة فنموت ونحن كرام وقد قال السيد السديد من قتل دون ماله فهو شهيد وقيل يا حاتم طي: حسن الثناء على الميت خير من سوء الثناء على الحي والموت في مقام العزة مع النشاط والهزة أرفع من الحياة بذلة ووخزة وكسرة ونخزة وقد كنت أنشدت وقديما أرشدت:

<<  <   >  >>