للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هو الموت إن لم تلقه ضاحكا فمت ... عبوسا بوجه أفتر اللون أغبرا

ومن لم يمت في ملتقى الخيل مقبلا ... عزيزا يمت تحت السنابك مدبرا

فأقبل الريبال على أبي مرسال وقال أيها النمر وصاحب الخلق الزمر ماذا نشير في هذا المهم والمشكل الذي دهم فقال إن الأفيال أكبر جسوما وأعظم حلوما وأقوى في الضرب وأعدى في الحرب وقد استعدوا وأقبلوا واتقنوا أمورهم وأعملوا وأنا أخشى أن يكونوا أقوى بطشا وأن نعجز عن المقاومة في المصادمة فإن فينا العاجز والضعيف والذميم الجثة والخفيف ومن لا عرف الأفيال ولا رأى تلك الأشكال فينفر من مصادمة الجبال فيطؤننا تحت أخفافهم وتنكسر شوكتنا في أول مصافهم فلم يبق إلا الفرار ولا يقر لنا بعد ذلك قرار فيستولون عنوة وقسرا على هذه الديار وينفرط النظام ونرضى عند ذلك بالسلامة والسلام ونقع في البلاء العريض الطويل وانظر يا مولاي إلى ما قيل:

هل للمرائر من صون إذا وصلت ... أيدي الرعاء إلى الخلخال والخدم

فعندي الرأي ذو الأصالة أن ينتخب الملك من يصلح للرسالة ويحسن السفارة ويحسن العبارة فيسكن من فوره شغبهم وثورة لهبهم وسورة غضبهم ويعدهم ويمنيهم ويحسن التقريب ويقصيهم وفي ضمن هذه الأوقات وأثناء هذه الحالات يراقب أوضاعهم ويخبر جمعهم وأجماعهم ويتوصل إلى أسرارهم ويواصلنا بأخبارهم ويطالعنا بمخامر أفكارهم ويكتب ما قدموا وآثارهم ونستمر على المراسلة والمقاومة والمطاولة فإن تيسر رجوعهم وانكشف بالهوينا جموعهم وإلا فنكون قد استعددنا عن الاستبصار فنتعاطى أمور قتالهم بعد التأمل والاختبار وإن أمكننا أن نأتيهم

<<  <   >  >>