للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى وكلمته العليا المال والبنون زينة الحياة الدنيا وهذا صريح بالشهادة على ما نقله وجلوت صدأ قلبك بتقريره وصقلته فلا تكونن لاه ولا تعلقن قلبك بغير الله قولاً واعتقاداً وعملاً فالباقيات الصالحات خير عند ربك وخير أملاً واجهد يا حبيب في إصلاح قلبك الكليم وأصغ لما قاله الحكيم الحليم متحرزاً من نكاية العذاب الأليم عاملاً بما يرضي السميع العليم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم وإذا علمت هذا وحققته وحررته وصدقته فاعلم إن الأولى بحالنا والأحسن للنظر في مآلنا أن نعد ما نحن من جملة النعم وإن هذا الذي قسم لنا من القسم في القدم ولا ننقل عن دائرة الرضا والتسليم قدماً عن قدم وننظر ما يتولد من حوادث الزمان ولا نرخي في ميدان الطمع العنان ونعرض على جامح الخاطر ما قال الشاعر: كم نار بادية شبت لغير قرى على بقاع وكم نور بلا ثمر

هون عليم أموراً أنت تنكرها ... فالدهر يأتي بأنواع من العبر

قال النجدي جميع هذا المقول صادر من موارد المعقول موافق لما ورد به المنقول لقد غصت في بحر الفطنة على جواهر الحكمة فما تركت في ميدان المسائل مقالاً لقائل ولا مجالاً لجائل ولكن لا ينبغي للعاقل أن يغفل عن حوادث الدهر ولا يسند ظهره لكواذب العصر فان طوارق الآفات وخوارق العادات ومحن الزمان وفتن الدوران محتجبة وراء أستار ومستورة في أنواع أطوار والفلك الدوار له في علم الأدوار لعيبات أبكار يبرزها للنظار فتلعب بالأفكار ويذهب في سنا برق مخارفها أبصار الأبصار ويخطئ في حركاتها الرأي المصيب ويدهش في دجى

<<  <   >  >>