فلما سمعت السمكة هذه الخديعة ووعت ما فيها من حركة بديعة تشربتها أضلاعها ودعاها انخداعها إلى أن قالت فما ترى أيها العبد الصالح أن أتعاطاه من المصالح فقال ابلغني السمك هذا الكلام بعد إبلاغ التحية والسلام وأن يكون القوم من بعد اليوم آمنين من سطواتي سالمين من حملاتي ساكنين إلى حركاتي بحيث تتجلى الظلماء ويعود بيننا الحرب سلماً وينام السمك في الماء قالت لا بد من أخذ العهود على الوفاء بهذه العقود وأقلها المصافحة على المصالحة ثم تأكيد الأيمان بخالق الأنس والجان ولكن كيف أصافيك وأنا طعمتك وأني أتخلص من فيك إذا وضعت فيه لقمتك قال لها ابرمي هذا العلف واربطي به حنكي لتأمني التلف فأخذت قبضة من الحشيش وفتلت وإلى ربط فكه أقبلت فعندما مد منقاره إلى الماء وقربت منه السمكة العمياء لم يفتر أن اقتلعها ثم ابتلعها (وإنما أوردت) هذه اللطيفة يا ذا الحركات الظريفة لتعلم أن قربنا من العقاب ألقى بنا أنفسنا إلى أليم العقاب وأين عزب عنك نهاك حتى تسعى بنا إلى عين الهلاك ونحن قوت العقاب وغذاؤه ولداء جوعه شفاؤه ودواؤه وهل يركن إلى العقاب ويؤمن منه ضرب الرقاب وقد قيل:
أنفاسه كذب وحشو ضميره ... دغل وقربته سقام الروح
وقد قيل:
أنهاك أنهاك لا آلوك معذرة ... عن نومك بين ناب الليث والظفر
قال النجدي اسلمي يا قرينة الخير واعلمي أن الريح وقت الربيع تكسو أكناف الأشجار من أنواع الأزهار ووجه الصحاري والقفار من أنوار