للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عليه بكليته وزاد في إكرامه وطلابه فانشده بديها ولم يقل أيها مفصحاً معلناً مستعيناً مضمناً:

لقد قص ريشي الدهر عن كل مطلب ... وألهمني سعدي بأنك رائش

ففي سمري مد كهجرك مفرط ... وفي قصتي طول كصدك فاحش

ثم قال اعلم أيها الرئيس المحتشم النفيس أن مولدي في جبل من جبال أذربيجان في مكان يضاهي الجنان ويباهي روضة رضوان أنزه من عنصر الشباب وأفكه من معاقرة الأتراب وأرفه من منادمة الأحباب على رقيق الشراب نشأت فيه مع قرينه جميلة أمينة فقضيت فيه غض العمر وزجيت فيه بض الدهر قانعا بما تيسر من الرزق فأرغما عما في أيدي الخلق متمسكا بذيل العزلة أعد الانفراد نعمة جزلة مكرراً درس ثلاثة نجم النفس القرينة الصالحة الجار المؤنس والكفاف من القوت ومما كنت أنشدت وفي مبدأ أمري أرشدت:

وحسب الفتى قوت وخل وزوجة ... ليرتاح في الدنيا ويكتسب الأخرى

وكنت من الدهر على هذا اقتصرت ومن لذيذ العيش على القناعة اختصرت ولكن كان مأوانا ومصيفنا ومشتانا محل الحوادث وممر العوائث والعوابث ومعبر المصائب ومورد الصيد ومورد الموطئ عمرو وريد فكنا كلما ولد لنا مولود وتحدد لنا بالبهجة والابتهاج عهود حصل للعين قره وللروح مسرة نقول هذا يبقى ذكرنا بعدنا ويحيى آثارنا عند حلولنا لحدنا فلم يكن أسرع من هجوم خاطف أو هبوب ريح نكبة عاصف يخطفه من بيننا ويجذبه من قبلنا وعيننا فان سلم من تلك المكايد وتخلص من سهم

<<  <   >  >>